تعريف التوكّل:
التوكل على الله
يقول الحق سبحانه وتعالى:{ فاذا عزمت فتوكل على الله، ان الله يحب المتوكلين} آل عمران 159.
ان فائدة الايمان في هذه المعادلة الجميلة...
أن الجوارح تعمل وعليها أن تأخذ بأسباب الله..
والقلوب تتوكل على الحق سبحانه وتعالى...
فالفلاح اذا أراد الزراعة لا بد أن يختار البذور، ويحسن التسميد، وأن يقوم بحرث جيّد للأرض، وأن ينتظم في مواعيد الري، وأن يحافظ على الزرع من الصقيع مثلا بتغطيته،..
فهذا كله من عمل الجوارح.....
وبعد ذلك تتوكل القلوب على الحق سبحانه وتعالى..
اذن فلا يتأتى أبدا للفلاح أن يقول: المحصول آت لأنني أحسنت أسبابي..
لكن المؤمن يتذكر دائما الحقيقة وهي أن فوق الأسباب خالق لها، فيقول:
لقد فعلت كل ما أستطيع واستنفذت كل أسباب اتقان العمل، الله تعالى يقدر لي الخير ويبارك في زرعي.
لقد جاء الاسلام بهذه المعادلة، ليحقق الايمان لاله له طلاقة القدرة يخلق بأسباب..
ويخلق بغير اسباب..
فالأسباب هي لجوارح البشر...
وفوق الأسباب قادر حكيم، فالانسان المؤمن حين يعمل فهو يأخذ بالاسباب..
وحين يتوكل المؤمن فانه يرجو عطاء الحق سبحانه وتعالى خالق الأسباب.
اذن فالجوارح تعمل والقلوب تتوكل..
وهكذا يجب على كل مؤمن أن يضع تلك المعادلة الجميلة في بؤرة شعوره دائما.
ولا يظن ظانّ أن التوكل هو توقف الجوارح عن العمل، فهذا هو التوكل الكاذب،
والدليل على كون هذا اللون من التوكل كاذبا، أن صاحبه يترك لعمل فيما فيه من مشقة ويزعم التوكل، والأمر السهل لا يتوكل فيه.
ان الذي يأخذ بالتوكل الكاذب هو الذي يمتنع عن العمل...
ولا أحد فينا يرى رجلا من هؤلاء يأتي اليه الطعام ولا يمد يده اليه ويتناوله،
اننا نقول لمثل هذا الرجل: لو كنت صادقا في التوكل اياك أن تمد يدك الى لقمة لتضعها في فمك واجعل التوكل الكاذب يقذف باللقمة الى فمك.
ومعلوم أن الاسلام ينهى عن التوكل الكاذب، وبلادة الحس الايماني..
لذلك الحق سبحانه وتعالى يقول:
{ فاذ عزمت فتوكل على الله}
ولتتأمل كلمة { عزمت}... و {فتوكل} ...
فنرى أن العزم يقتضي عزيمة..
والتوكل يقتضي اظهار العجز..
لأن معنى توكل الانسان أن يعلن عجز أسبابه، ويلجأ الى من عنده قدرة ليست عنده
ونحن نرى انسانا يقول: لقد وكلت فلانا في هذا الأمر لأنني لا أقدر عليه..
ان معنى هذا اظهار عجزه، وأنه ذهب الى من عنده القدرة ليفعل ما يعجز عنه هو.
فالتوكل الايماني هو تسليم زمام أمور الانسان الى الحق سبحانه وتعالى ثقة منه بحسن تدبيره وهذا هو التوكل المطلق...
ولما كان الله تعالى هو سبحانه الذي أعطى الانسان الأسباب فعلى الانسان ألا يرد يد الله الممدودة بالأسباب ويقول له: عاوني يا رب، أواصنع لي...
عليه قبل ذلك أن يستنفد كل الأسباب.
والحق سبحانه يقول في فاتحة الكتاب:{ اياك نعبد واياك نستعين} الفاتحة 5،
وهذا يعني أننا نعمل ونطلب العون من الله..
ويقول الحق سبحانه وتعالى:{ ان الله يحب المتوكلين} لماذا يحبهم؟
لأن المؤمنين به قد أخذوا بأسبابه ثم توكلوا عليه بعد ذلك.
************
بين التوكل والتواكل
التوكل على الله يقتضي أن يعلم الانسان أن لكل جارحة في الانسان مهمة ايمانية تقف بالفكر عندما شرع الله....
*****************
فالأذن تسمع فان سمعت أمرا من الحق فهي تنفذ الأمر، وان سمعت الذين يلحدون في آيات الله فانها تعرض عنهم....
واللسان يتكلم لذلك لا تقل به الا الكلمة الطيبة...
فلكل جارحة عمل...
وعمل جارحة القلب هو اليقين والتوكل...
وحيث أن التوكل على الله هو عمل القلب. فاياك أن تنقل عمل القلب الى عمل الجوارح.
***********
فتنقل التوكل الى الجوارح فلا تعمل...
ان السعي للقدم...
والعمل لليد....
والتوكل للقلب....
فلا تنقل عمل القلب الى القدم أو اليد....
****************
لذلك فالتوكل الحقيقي هو أن الجوارح تجعل القلوب تتوكل.
فكم من عامل يعمل بلا توكل فتكون نتيجة عمله احباطا؟!
اننا نجد أن الزارع الذي لا يتوكل على الله وتنمو زراعته بشكل جيد ومتميز قد تهب عليه عاصفة فيصاب الزرع بالهلاك ويكون الاحباط هو النتيجة.
***********
انك أيها المؤمن عليك أن تحذر اهمال الأسباب،
انك ان أهملت الأسباب فأنت غير متوكل بل متواكل...
فالتوكل عمل القلب، وأنت تنقل عمل القلب الى الجوارح ان الجوارح عليها أن تعمل، والقلوب عليها أن تتوكل،
واذا قال لك واحد: أنا لا أعمل بل أتوكل على الله، قل له:
هيا لنرى كيف يكون التوكل، وأحضر له طبق طعام يحبه، وعندما يمد يده الى الطعام
قل له: لا أترك الطعام يقفز من الطبق الى فمك، ان هذا لفهم كاذب للتوكل!!.
الخلاصة
التوكل هو موثقة المؤمن بالله عز و جل و لا يعتمد على سواه و من مزايا التوكل نذكر:
"الاجتهاد في طلب الرزق"
"اعتماد الأسباب"
"الصبر و التحمل"
أما التواكل فهو إدعاء التوكل على دون عمل أو سعي وذلك من خلال الكسل و التقاعس و لتواكل
عواقب وخيمة منها:
"تعطيل طاقته أي طاقاته الفكرية و الجسدية"
"حرمان اهله من العيش الكريم و الرزق و تعريضهم للضياع"
"التضييق على النفس كالتسول و العيش ذليلا بين الناس
انتظرونى ونورانيات ايمانيه اخرى.... ولو مت فى الفردوس الاعلى ان شاء الله